رصد لأهم محطات 2017م، وتوقعات يغلب عليها طابع التشاؤم للعام الجديد 2018م. ………
شبكة المدى/تقرير:
2017، عام ثالث من الحرب المستمرة في اليمن والحصار والمجاعة والفقر والكوارث المختلفة يطوي أوراقه، مخلفاً تطوراً دراماتيكياً للأحداث في أواخر أيامه عقب جمود سياسي وعسكري، وذلك بمقتل الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، الورقة الأخيرة التي راهنت عليها السعودية والامارات في ترجيح كفة حربها المتعثرة في البلد،والورقة التي كان يراهن عليها الشعب في حسم الموقف، ليزداد تعقيد الأوضاع التي لا يبدو أن هناك مؤشرات على انتهاء واحدة من أسوأ الازمات الانسانية في العالم.
لم تجر كثير من الأحداث في اليمن عام 2017م، باستثناء كشف الامارات عن هدفها واجندتها الخفية من مشاركتها في الحرب، التي ظلت تراوح مكانها، مقابل تفاقم الاوضاع الانسانية، وقبل رحيل العام، جاء مقتل "صالح" بعد انقلابه على شريكه الحوثي في السلطة.
حصاد مرير لعام مضى في اليمن، نرصد أهم محطاته، وتوقعات يغلب عليها طابع التشاؤم للعام الجديد، في ظل غموض مريب حول النهايات المفترضة لهذه الحرب، مع غياب "صالح" عن المشهد، وضياع بوصلة تحالف السعودية على وقع تعثر حربها.
مقتل صالح..
مثل مقتل صالح كارثة على اليمن وفقاً للشارع اليمني والذي انصدم بخبر مقتله، حيث كان يراهن عليه معطم اليمنيين في تجاوز الأزمة وحسم الموقف ضد الحوثي والسعودية..
والعكس قبل أيام من مقتله على أيدي الحوثيين في 4 ديسمبر 2017م، أظهر الرئيس الراحل "صالح"، الذي حكم اليمن لأكثر من ثلاثة عقود، بصيص أمل للسعودية والامارات في انقاذهما من ورطة الحرب المكلفة لهما دون نتيجة، وذلك بالتوصل الى تفاهمات معهما، مقابل قيادة حركة تمرد من داخل صنعاء للقضاء على الحوثيين.
وبحسب مصادر متطابقة، فان الصفقة التي عقدتها الرياض وابوظبي مع "صالح"، ارتكزت على التخلص من الحوثيين مقابل تقديم ضمانات بان يكون لنجله (احمد) دور سياسي في مستقبل اليمن ورفع اسمه مع والده من قائمة العقوبات الأممية.
ونجحت الإمارات في مخططها لاقناع السعودية بذلك، لكن الفشل في تنفيذه كما هو مرسوم له ضاعف من ورطة التحالف على جميع المستويات، حتى وان حاول التصعيد عسكريا فالتعثر لا يزال قائما، مع ارتفاع حدة الانتقادات الاممية والدولية لهذه الحرب والضحايا المدنيين وغالبيتهم جراء قصف الطيران.
ويصف مراقبون الصفقة السياسية التي عقدها التحالف مع صالح، بالمتاخرة، لانها جاءت في وقت كان الحوثيون قد أحكموا فيه سيطرتهم العسكرية والأمنية على العاصمة "صنعاء" وأحاطوا بتحركات صالح وأمسكوا بثغرات أمنية عديدة تؤدي إلى مخابئه وأماكن تواجده.
أعلن الرئيس الراحل فض شراكته مع الحوثيين، ودعا الى الانتفاضة الشعبية ضدهم، في 2 ديسمبر، بعد عدة اشهر من الحرب الباردة بين الطرفين، واندلعت الحرب والمواجهات المسلحة على أوسع نطاق في جنوب صنعاء وهي منطقة نفوذ صالح، وضيق الحوثيون الخناق عليه عقب ايام قليلة من المواجهات التي انتهت بمقتله في 4 ديسمبر مع امين عام حزبه عارف الزوكا وقيادات عسكرية وسياسية موالية له، لينفرد الحوثيون بالسلطة في صنعاء وبقية المناطق التي ما زالت تحت سيطرتهم.
وبمقتل صالح يتشكل مشهد جديد في اليمن، فجماعة الحوثي اصبحت الطرف الأبرز داخل اليمن وصعد صاروخها، في موازاة طرف الحكومة الشرعية المتواجدة في الرياض، فيما يتوقع أن يتراجع دور حزب المؤتمر الشعبي العام داخل اليمن، والذي كان صالح يمثل رافعته ومصدر تماسكه، وهو ما يعيد من جديد الأمور إلى مربعها الأول.
ما بعد مقتل "صالح"
راهنت الرياض وأبوظبي، بعد مقتل حليفهما "صالح"، على نزع الغطاء السياسي عن الحوثيين، وتحقق لها بعض النجاح في ذلك، بإغلاق موسكو لسفارتها في صنعاء، ونقل طاقمها الدبلوماسي إلى الرياض، لكنها فشلت إلى اللحظة، في التوفيق بين حزب «الإصلاح» وقيادات المؤتمر (حزب صالح) في الخارج، الموالين لها.
وصعد تحالف السعودية بشكل غير مسبوق عقب مقتل "صالح" من عملياته العسكرية وغاراته الجوية المكثفة، لكن لم يتحقق له ما أراد وظل الحوثيون يقاومون بشراسة رغم سقوط بعض المناطق من ايديهم مثل الخوخة غربا وشبوة جنوب شرق البلاد، فيما ظلت بقية الجبهات تراوح مكانها بين كر وفر مثلما هو الحال في السنوات الماضية من الحرب، وخاصة شرق صنعاء (جبهة نهم)، فيما تبقى "تعز" حتى اللحظة رهن إرادة الإمارات في إبقائها جامدة وعرضة للقصف والخراب.
عام الجمود السياسي
تكرس العام 2017 باعتباره الأكثر جموداً في المسار السياسي باليمن، حيث شهد اخفاق المبعوث الأممي في تحقيق اي اختراق او تقارب بين اطراف الصراع، بل وصلت علاقته مع جماعة الحوثي الى مرحلة اللاعودة بعد اتهامها له بالانحياز وانه "مبعوث سعودي وليس أمميا"، ورفضت بشكل قاطع التعامل معه، وفي اخر زيارة له الى صنعاء في مايو 2017م جرت محاولة لاغتياله.
واكتفى المبعوث الاممي اسماعيل ولد الشيخ، طوال العام بتقديم مقترح يتيم بشأن إدارة محايدة لمدينة الحديدة ومينائها، عرضه على مجلس الأمن في 18 أغسطس، وقوبل بترحيب تحالف السعودية والحكومة اليمنية التي يدعمها، مقابل رفض قاطع من الحوثيين.
انكشاف الأهداف الخفية للإمارات
أواخر أبريل الماضي، دفعت الامارات بمحافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي، الى تشكيل ما سمي "المجلس الانتقالي الجنوبي"، وذلك كاداة سياسية تستخدمها في تقويض عمل السلطة الشرعية في إدارة المحافظات الجنوبية المحررة، بجانب ذراعها الامنية من خلال "قوات الحزام الامني" التي تتفوق على قوات الشرعية عددا وعتادا وترتبط مباشرة بابوظبي وليس للحكومة نفوذ عليها.
وتدفع الامارات من خلال هذا المجلس الى فرض التشطير وانفصال اليمن، واتخذ خطوات عديدة باتجاه ذلك بينها تشكيل برلمان مستقل وتعيين مسؤولين تابعين له في المحافظات الجنوبية.
صعود صاروخ الحوثي
في 19 ديسمبر اطلقت جماعة الحوثي صاروخا باليستيا باتجاه قصر اليمامة الملكي في العاصمة السعودية الرياض، والذي قالت الدفاعات الجوية السعودية انها اعترضته، وذلك في ثاني عملية تستهدف بها الرياض خلال شهرين.
ففي 4 نوفمبر، أطلق الحوثيون صاروخاً باليستياً يبلغ مداه نحو 750 كيلومتراً، واستهدف مطار الرياض، وكانت تلك المرة الأولى التي يصل فيها صاروخ الى هذه المسافة.
الأوبئة القاتلة
سجل الوضع الانساني في اليمن مزيدا من التدهور في العام 2017م، لتنتج الحرب المستمرة واحدة من أسوأ الازمات الانسانية في العالم، وفق تقارير الامم المتحدة، التي اوضحت ان 21 مليون يمني (حوالي 80 % من السكان) بحاجة إلى مساعدات إنسانية، منهم 7 ملايين يعانون من المجاعة.
كما تفيد الإحصاءات الأممية بأن نحو 15 مليون شخص يفتقرون إلى الرعاية الصحية الكافية، فضلاً عن مقتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين، وتشريد نحو 3 ملايين آخرين.
وأثقل انهيار قيمة العملة المحلية، اعباء مواطني البلاد المعيشية مع ارتفاع قياسي في اسعار جميع السلع الاساسية وتوقف صرف مرتبات موظفي الدولة خاصة في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين لاكثر من عام.
وبالتوازي مع ذلك، شهد عام 2017 انتشارا لاوبئة قاتلة نافست الحرب في حصد أرواح اليمنيين، وابرزها الكوليرا، التي وصل عدد الإصابات التراكمية منذ تسجيل اول حالة في ابريل من ذات العام، الى قرابة مليون حالة، في أسوأ تفشٍ للوباء في العالم، بحسب منظمة الصحة العالمية.
ورصدت المنظمة، وفاة أكثر من 2200 حالة، ورغم انحسار الوباء نسبيا لتدخلات المنظمات الدولية، إلا انه عاد من جديد مع تشديد الحصار الذي فرضه تحالف السعودية.
كما انتشر وباء "الدفتيريا" القاتل، وسجلت عشرات حالات الوفاة بهذا الوباء في ظل انتشار متواصل.
رحل العام 2017 لكن المخاوف القائمة لدى اليمنيين لم ترحل معه، بل إن نظرتهم أكثر سوداوية لما سيكون عليه الوضع في العام الجديد.