عندما باتت حضرموت تشكل ثقلاً سياسياً واقتصادياً جعلها مطمعاً وطعماً لكل القوى السياسية ومحط أنظار الأطراف الدولية، وهو ما يفسر محاولات
شبكة المدى/ متابعات يمنية إماراتية:
بدأت الإمارات التي تحتل معظم المحافظات الجنوبية لليمن وثرواتها النفطية بدأت في اللعب على وتر جديد لاستكمال مخططها في تقسيم اليمن السعيد، بعد مرور هذا المخطط مؤخرا بعدة عثرات سببها تدخل السعودية التي أرادت مشاركة “ابن زايد” كعكة اليمن الذي دمره التحالف.
ويواجه مؤتمر حضرموت الجامع، الذي كان أمل أبناء المحافظة الواقعة شرقي اليمن، لانتزاع حقوقهم وتحقيق مطالبهم، منعطفاً جديداً، مع دخوله دائرة التجاذبات السياسية بفعل دفع الإمارات لمؤامراتها الهادفة لتقسيم اليمن انطلاقا من المحافظة المذكورة.
وعُقد مؤتمر حضرموت الجامع في إبريل من العام الماضي، بمشاركة مختلف التيارات السياسية والاجتماعية، وخرج بوثيقة من 40 بنداً، في مقدمتها المطالبة بإعلان حضرموت إقليماً مستقلاً وفق جغرافيته المعروفة، ويتمتع بحقوقه السياسية السيادية كاملة غير منقوصة، بعيداً عن مختلف أصناف التبعية والانتقاص والإلحاق.
وتضمّنت المخرجات أيضاً أن يكون لإقليم حضرموت التمثيل في أي استحقاق مقبل، وفقاً لمعيار المساحة وعدد السكان والإسهام في الميزانية الاتحادية، والبُعد التاريخي والثقافي والاجتماعي، فضلاً عن حزمة مطالب اقتصادية وأخرى اجتماعية.
وحضرموت هي كبرى محافظات الجمهورية اليمنية مساحة، وتمتاز بموقع جغرافي استراتيجي يمتد على شريط ساحلي طويل تقع عليه موانئ بحرية عدة، فضلاً عن وجود منفذ الوديعة البري الذي يربط المحافظة بالسعودية.
وبعد الإعلان عن مخرجات المؤتمر، ظل الأخير بمثابة كيان سياسي بعدما اختيرت له هيئة عليا وهيئة رئاسية، وهي خطوات نتج عنها شعور لدى الشارع بقدرة القائمين على المؤتمر على انتزاع حقوق المحافظة بعد عقود من التهميش والإقصاء، سواء في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً، أو في ظل الجمهورية اليمنية بعد توحيد شطري اليمن في العام 1990.
إلا أن الإحباط بدأ يتسرب أخيراً إلى الشارع، مع بروز خلافات في رئاسة المؤتمر، على خلفية محاولات بعض الأعضاء السيطرة على القرار، وتجيير المؤتمر لصالح أجندة “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم إماراتياً، والذي ينادي بانفصال جنوب اليمن عن شماله.
وبدأت شرارة الخلافات بعد تحركات خارجية للأمين العام للمؤتمر، عبدالقادر بايزيد، ولقائه المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث وممثلين عن عدد من الجهات والمنظمات الدولية، الأمر الذي لم يرق لشخصيات في رئاسة المؤتمر موالية لـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، والتي أبدت اعتراضها على هذه التحركات، خوفاً على ما يبدو من الترويج لمخرجات مؤتمر حضرموت في المحافل الدولية، بعيداً عن مطلب الانفصال الذي ينادي به “الانتقالي الجنوبي”، ومدى خطورة وجود صوت آخر يزاحم هذا المطلب في الخارج.
وقاد الموالون لـ”المجلس الانتقالي” تصعيداً في رئاسة المؤتمر ضد تحركات بايزيد “المحسوب على المطالبين باستقلال قرار حضرموت”، باعتبارها خطوات انفرادية، وبذريعة أن اللائحة الداخلية لا تخوّل الأمين العام تمثيل المؤتمر خارجياً، محذرين من انقسام المؤتمر وتشظيه في حال الاستمرار في هذه التحركات.
تصعيد الموالين لـ”الانتقالي الجنوبي” في رئاسة المؤتمر الجامع، دفع بايزيد إلى إعلان استقالته، قبل أن يتحدث لفضائية محلية متهماً طرفاً بفرض إملاءات وشروط لمن يريد تمثيل المؤتمر خارجياً، وأن يكون ضمن كيان وتوجّه معين لا يحيد عنه، في إشارة إلى “المجلس الانتقالي الجنوبي”.
واستقالة بايزيد وتصريحاته التي كشفت مساعي حلفاء الإمارات للسيطرة على المؤتمر الجامع، أثارت جدلاً كبيراً، في ظل مخاوف من انحراف مسار المؤتمر وإضعاف جبهته الداخلية لصالح أطراف أخرى.
ووسط هذه التجاذبات، عقدت رئاسة الهيئة العليا للمؤتمر، السبت الماضي، اجتماعاً استثنائياً، خرج بثلاثة قرارات، تضمّنت إعفاء المتحدث الرسمي باسم المؤتمر، علي الكثيري، من منصبه، وهو إلى جانب ذلك عضو في “المجلس الانتقالي الجنوبي”.
كما قررت الرئاسة تعيين قائم بأعمال الأمين العام، فضلاً عن تشكيل لجنة لتقديم مقترحات وتصورات من شأنها تعزيز نشاط المؤتمر.
وأكدت الرئاسة في بيان، ضرورة تعزيز الثقة بين الأعضاء، والابتعاد عن “المناكفات والمهاترات” التي لا تخدم معالجة القضايا.
وتشكّل حضرموت ثقلاً سياسياً واقتصادياً جعلها مطمعاً لكل القوى السياسية ومحط أنظار الأطراف الدولية، وهو ما يفسر محاولات “الانتقالي الجنوبي” المستمرة للحيلولة دون ارتفاع صوتها منفرداً، خصوصاً مع ما شكّلته وثيقة مؤتمر حضرموت الجامع من تهديد لمطلب الانفصال الذي رُفع منذ العام 2007.
وفي ظل الخلافات التي بدأت تدب في أروقة المؤتمر الجامع وظهورها لأول مرة إلى العلن، بات الخوف من فشل التجربة النادرة يقلق الحالمين باستقلالية المحافظة وانعتاقها من مركزية صنعاء وعدن.
إرسال تعليق