كذلك عودة الملك إلى المشهد في المملكة بشكل ملحوظ، بناء على نصيحة بعض المقربين منه، خوفاً من إثارة المزيد من الغضب داخلياً وخارجياً، جراء ممارسات …………
شبكة المدى/ شؤون سعودية:
أوقف الديوان الملكي السعودي بشكل مفاجئ ودون أي مقدمات ولي العهد محمد بن سلمان عن ممارساته الي بات يتفيد بها بشكل خارج عن نطاق الحكم الملكي لولاية أبيه، وأبرز هذه الممارسات ايقافه عن حملة الفساد التي أمر بها الأمير محمد بن سلمان، وشملت العشرات من كبار الأمراء والوزراء ورجال الأعمال البارزين.جاء ذلك في البيان الملكي الذي أعلنه الديوان الأربعاء 30 يناير/كانون الثاني 2019، لكنه لم يوضح أسباب إنهاء الحملة المفاجئ، مثل بدئها المفاجئ أيضاً، رغم بقاء عدد لا بأس به من رجال الأعمال في السجون بسبب هذه القضية، لكن الأمر الوحيد الذي كشفه البيان هو أن الحملة جمعت أكثر من 100 مليار دولار من الموقوفين.
ويتسائل الجميع: لماذا أنهى ولي العهد السعودي الحملة قبل أن يتحقق كل ما يريد من ورائها، فهل للقصة علاقة بقضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، أم أن هؤلاء الأشخاص دفعوا كل ما عليهم أم أن هناك أموراً أخرى.
من المؤكد أن الشخص الوحيد الذي يعرف لماذا توقفت الحملة هو الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، أو المحيطون به، وعلى رأسهم سعود القحطاني وتركي آل الشيخ، لكننا في السطور القادمة سنحاول الإجابة عن هذا السؤال، من خلال مناقشة عدة احتمالات وهي:
اغتيال جمال خاشقجي:
ألقت جريمة اغتيال الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي بطريقة وحشية في مقر قنصلية بلاده بإسطنبول، الضوءَ على الممارسات التي يمارسها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي كان ينظر له دولياً على أنه النموذج المطلوب للنظام الحكام في السعودية، لكن بعد هذه الجريمة فطنت أنظمة الحكم الغربية أن الأمير الذي يظهر أنه متسامح مع الغير يبدو أنه غير ذلك بالمرة.
فمنذ وقوع الجريمة، في مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2018، وتتعرض المملكة لعاصفة قوية من الانتقادات الحادة، بسبب الحديث المتكرر عن ضلوع ولي العهد بنفسه في الجريمة البشعة، فكان لا بد من تنازلات تجريها المملكة حتى تمر عليها هذه العاصفة بسلام.
اغتيال جمال خاشقجي:
ألقت جريمة اغتيال الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي بطريقة وحشية في مقر قنصلية بلاده بإسطنبول، الضوءَ على الممارسات التي يمارسها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي كان ينظر له دولياً على أنه النموذج المطلوب للنظام الحكام في السعودية، لكن بعد هذه الجريمة فطنت أنظمة الحكم الغربية أن الأمير الذي يظهر أنه متسامح مع الغير يبدو أنه غير ذلك بالمرة.
فمنذ وقوع الجريمة، في مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2018، وتتعرض المملكة لعاصفة قوية من الانتقادات الحادة، بسبب الحديث المتكرر عن ضلوع ولي العهد بنفسه في الجريمة البشعة، فكان لا بد من تنازلات تجريها المملكة حتى تمر عليها هذه العاصفة بسلام.
في البداية أنكرت الرياض معرفتها باختفاء خاشقجي، وقالت على لسان ممثلها الدبلوماسي محمد العتيبي، إن خاشقجي أجرى معاملته وخرج، لكن في النهاية اعترفت تحت الضغط الدولي والتركي بالتحديد أن خاشقجي قتل وقطعت أوصاله في مقر القنصلية، على يد فريق استخباراتي مدرَّب، لكنها لم تعترف بأن ولي العهد هو الذي أمر بالقتل، حتى لا يكون هذا أمر بداية نهاية الأمير القوي.
قضية خاشقجي ألقت بظلالها على كل ما يحدث داخل المملكة، حتى الرؤية الاقتصادية للأمير 2030، فقد تأثرت هي الأخرى جراء هذه الجريمة، ومن ثم فإن بقاء حملة مكافحة الفساد بعد ذلك الوقت غير مبررة، لاسيما أنها حققت ما يريد الأمير، بجمع أكثر من 100 مليار دولار، كما أن رجال الأعمال الذين لم يقوموا بتوفيق أوضاعهم مع الدولة ليسوا من «السمان الكبار»، ومن هنا لا طائل من بقاء هذه الحملة في هذا الوقت الحرج.
حققت الهدف منها:
كان الهدف الاقتصادي من وراء هذه الحملة، وهو ما أعلن حينها، هو توجيه رسالة قوية وضربة في نفس الوقت لرجال الأعمال الذين استفادوا بأي شكل من الأشكال بعلاقاتهم السياسية، بأن المملكة لم تعد كما كانت من قبل، فلا مجال للفساد أو المحسوبية، ولعل هذا ما أعلن حينها وباركه الجميع، لكن الهدف الذي كان يراه خبراء كثر، ولن يعلنه الأمير محمد بن سلمان هو القضاء على أي قوة اقتصادية قد تنافسه، لاسيما من أبناء عمومته، الأقوى والأكثر نفوذاً، مثل الأمير متعب بن عبدالله، والملياردير السعودي الوليد بن طلال، وهم كانوا أول من وفّق أوضاعه الجديدة مع الدولة.
كذلك الرغبة في تمويل مشروعات كبيرة يضعها الأمير محمد بن سلمان من أولوياته القصوى، مثل مشروع نيوم، الذي توقف بشكل مفاجئ منذ جريمة خاشقجي، حتى إن الأمير نفسه قال مَن «يستثمر أمواله في الصحراء»، فقد تحقق في تحصيل نحو 400 مليار ريال سعودي من المعتقلين في فندق الريتز كارلتون، فمن ثم لا جدوى من بقاء هذه الحملة بعد تعثر تلك المشروعات، حتى وإن كان الجانب المالي لبعضها قد تم الحصول عليه.
أيضاً الشق السياسي من وراء هذه الحملة لا يمكن إنكاره أو إغفاله، وهو ما تحقَّق بالفعل، فقد نجحت الحملة في إخضاع كبار الأمراء الذين قد يكونون مصدر قلق لولي العهد، مثل الوليد بن طلال، أو متعب بن عبدالله، والتخلص من كل أوراق القوة التي كانوا يتمتعون بها، أو يصبحون مصدر قلق لمحمد بن سلمان في المستقبل، بعدما أحكم سيطرته بالكامل على الوضع في البلاد.
علاقات عامة لعودة الاستثمارات:
قد يكون السبب وراء وقف هذه الحملة بشكل مفاجئ هو الرغبة الرسمية في تلميع صورة المملكة، من خلال حملة علاقات عامة لعودة الاستثمارات في البلاد من جديد، بعدما وجَّهت لها الحملة ضربةً قبل عام ونصف العام.
ويرى خبراء أن الاستثمار الأجنبي أمر حاسم في دعم الاقتصاد السعودي، ومفتاح لرؤية 2030، خطة الإصلاح الاقتصادي الطموحة في الحركة، مع صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة، لكن هذا الاستثمار قد تعرَّض لضربة بسبب حملة الفساد واغتيال الصحفي جمال خاشقجي.
وبحسب موقع ميدل إيست آي البريطاني، يرى بعض المحللين إنه حتى بعد انتهاء هذه الحملة فإن المستثمرين على المدى الطويل سيكونون أكثر اهتماماً بالتفاصيل الدقيقة لفرص الاستثمار، بدلاً من حملات العلاقات العامة، لكن في كل الأحوال فإن هذه الخطوة قد تكون إيجابية إلى حدٍّ كبير في ظل حالة التخوف الدولي من مستقبل الاقتصاد في المملكة.
ولعل ما يدلل على رغبة الرياض في عودة المستثمرين ما حدث في النسخة الأصلية من منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا قبل أسبوع، حجم الصفقات الجديدة التي وقَّعتها المملكة مع المستثمرين الأجانب، بعدما أعطت المملكة إشارات إيجابية بشأن إنهاء حملة مكافحة الفساد، وكذلك اختيار المنتدى الاقتصادي العالمي شركتين سعوديتين، هما أرامكو وسابك، لتكونا ضمن 100 شريك استراتيجي في 2019.
تدخل الملك وإعادة البوصلة
هناك احتمال لا يمكن غضّ الطرف عنه، وهو دور الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي نشط مؤخراً عقب اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، إذ قال بعض المقربين من دوائر الحكم في المملكة إن الملك سلمان تدخل بشكل ملحوظ في كبح جماح ولي العهد، بعدما تضرَّرت سمعة المملكة بشكل كبير بسبب ممارسات الأمير محمد بن سلمان.
فقد أوقف الملك إدراج شركة أرامكو، عملاق النفط السعودي في البورصات الأمريكية، قبل أسابيع من اغتيال خاشقجي، كما أنه تدخل بشكل مباشر للحد من الآثار السلبية التي خيَّمت على الرياض بعد وقوع الجريمة، إذ أرسل الملك مبعوثه الخاص الأمير خالد الفيصل إلى تركيا، للتشاور مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي تربطه علاقات وثيقة بالملك سلمان والأمير خالد الفيصل، لإنهاء أزمة خاشقجي، لكن الرئيس التركي لم يوافق على هذا.
كما يقول البعض إن الملك تدخل أيضاً في عملية إعادة هيكلة جهاز الاستخبارات السعودي، التي تمت قبل أسابيع، كما أنه عاد إلى المشهد في المملكة بشكل ملحوظ، بناء على نصيحة بعض المقربين منه، خوفاً من إثارة المزيد من الغضب داخلياً وخارجياً، جراء ممارسات ولي العهد.
وقد يكون إنهاء هذه الحملة غير المسبوقة أيضاً جاء بناء على أوامر الملك سلمان، نظراً لما خلَّفته هذه الحملة من أضرار غير مباشرة على سمعة المملكة.
إرسال تعليق