التعاطي الأوروبي مع الكثير من القضايا والأحداث في الشرق الأوسط و العالم، من النووي الإيراني الى المسألة السورية و الليبية واليمن وما يحدث في فنزويلا إلى مسألة الحقوق والحريات يؤكد أن أوروبا رهن أهداف ………
شبكة المدى/ كتب يحيى مقبل:
تراجع دور الأخلاق والسياسة في المجتمع الأوروبي تراجعًا كبيراً وصحب هذا التراجع حضور بارز لدور البحث عن المصالح والمنافع ولا نحتاج لإجهاد أدمغتنا كي يتأكد لنا ان المصلحة تؤكد سطوتها على الأخلاق والسياسة في أكثر البلدان الأوروبية .فالتعاطي الأوروبي مع الكثير من القضايا والأحداث في الشرق الأوسط و العالم ، من النووي الإيراني الى المسألة السورية و الليبية ومن الحرب على اليمن الى ما يحدث في فنزويلا الى مسألة الحقوق والحريات يؤكد ان أوروبا رهن أهداف اقتصادية وسياسية.
اوروبا تتماهى مع الامريكي في معظم القضايا ولا تتميز بمواقف مضادة إلا حين يكون التماهي مع الامريكي مخجلًا لأوروبا.
ففي الاتفاق النووي الإيراني ، الذي تؤكد ليس تقارير الوكالة الذرية وحسب بل وتقارير الاستخبارات الامريكية ، على الالتزام الايراني ، لم تفي اوروبا بكامل تعهداتها كما يؤكد الايرانيون ، وانما توازن بين مصالحها ، فتفي بالقليل من الالتزامات السياسية شريطة ألا تخل كثيرا بعلاقاتها مع امريكا .
ايضا فيما يخص الاحداث في سوريا وليبيا الواقعتان على الضفة الاخرى من المتوسط ، غاب أي حضور سياسي فاعل للاتحاد الاوروبي لإيجاد تسوية ووضع حد للمعاناة الانسانية ، ولأن الدور الاوروبي كان هامشي وضعيف لم تستطع القارة تجنيب نفسها ما نجم عن ذلك من تداعيات .
وإذا كان الوهن الأوروبي واضحا في بلدان لا يفصلها عن اوروبا الا المتوسط ، فعلينا الا نعول على اوروبا ولا نأمل منها ممارسة ضغوط على السعودية والإمارات تفضي لفض النزاع ولفرض تسوية.
فأوروبا ليست أهلا لأن تفض نزاع مسلح و ليست قادرة على فرض تسوية بشكل مستقل عن امريكا.
وقد شخص الآن تورين عالم الإجتماع الفرنسي الخبير بأوروبا الوهن الأوروبي وعزى فقدان التأثير الوازن للقارة في العالم الى تبعيتها لأمريكا ، ولأن ” الهويات القومية وهنت ولم تستعض عنها بتكوين هوية قارية ” ، ويضيف “ان ما يحول دون دولة اوروبية هو افتقارها الى سياسة دولية ، وان ليس لأوروبا ، وان تدخلت اقتصاديا في مناطق مختلفة من العالم أي وزن سياسي ، لا سيما في الشرق الاوسط ” لماذا ؟ لأن اوروبا ، والكلام لتورين : تخاف من تعديل علاقاتها مع امريكا لأنها وضعت نفسها في حالة تبعية عسكرية للولايات المتحدة الامريكية ما ادى الى اتساع الفارق التكنولوجي في هذا المجال منذ ثمانينيات القرن الفائت ”.
ومصداق ذلك موقفها الحالي من الأزمة في فنزويلا التابع للموقف الاميركي ، فلا يمكن والحال هذه ان تتخذ اوروبا أي مبادرات دبلوماسية مهمة ومضادة للمبادرات الامريكية في المسألة اليمنية . لأن اوروبا ليس لها قدرة مستقلة على العمل بمعزل عن امريكا .
ولا يعني هذا ان على القوى الوطنية في صنعاء قطع التواصل مع أوروبا ، التواصل بحد ذاته جيد ، فهو يؤكد على أننا لسنا في عزلة دولية ، اضافة الى انه يوصل معاناتنا اليهم وقد نكسب تعاطفهم ، وتكثيف التواصل بأوروبا قد يحد من تدفق الأسلحة للتحالف السعودي .
لكن ينبغي ألا نطمع بأكثر من ذلك ، فأوروبا تقوم بأعمال ادارية واغاثية اكثر منها سياسية.
إرسال تعليق