الرئيسان الروسي والصيني.. هل سينجحان في قيادة تحالف عالمي؟ أم ما هي الخطط السريّة والعلنيّة التي اتّخذاها في مُنتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي؟ ولماذا نُطالب حُكوماتنا العربيّة بالانضمام إلى التّكتّل الجديد؟
………
شبكة المدى/ العالم وأمركة الإقتصاد:
بدأ التحالف بإعلان الرئيسان الصيني والروسي الحرب لإنهاء هيمنة الدّولار على اقتصاديّات العالم..
الاستخدام المُفرط لفرض العُقوبات الاقتصاديّة يمينًا وشِمالًا من قبَل الإدارة الأمريكيّة كورقة ضغط لتركيع الكثير من دول العالم لإملاءاتها، وإشعال فتيل الحرب التجاريّة وفرض رسوم جمركيّة عالية على الصين، شريكها التجاري الأكبر، هذا الأسلوب الأمريكي “الابتزازي” سيُعطي نتائج عكسيّة على المدى البعيد سيُؤدّي إلى بُروز كتلة عالميّة مُناوئة له بدأت تتبلور.
المُنتدى الاقتصادي في مدينة سان بطرسبرغ الذي بدأ أعماله اليوم، شهِد بداية تحرّك جدّي في هذا الاتّجاه، حيث ندّد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ، بالهيمنة الاقتصاديّة الأمريكيّة على العالم، ودعا الرئيس بوتين إلى إعادة النّظر بدور الدولار في النّظام الماليّ العالميّ لأنّ العُملة الأمريكيّة أصبحت أداة ضغط على بقيّة العالم.
أن يُندّد الرئيسان الصيني والروسي بهيمنة العُملة الأمريكيّة على الأسواق العالميّة ويُطالبان بتوثيق العلاقات التجاريّة بين بلديهما وزيادتها (حجم التبادل التجاري 108 مليار دولار حاليًّا)، واستخدام العُملات المحليّة في البلدين كبديلٍ للدّولار، فهذا يعني بِدء دوَران العجلة، وتدشين جبهة من قوّتين عالميّتين، اقتصاديًّا وسياسيًّا، لمُواجهة ما وصفه الرئيس الصيني بعدم المُساواة في النّظام الاقتصاديّ العالميّ، ومُحاولات عرقلة تطلّعات الشّعوب المشروعة لحياةٍ أفضل.
سيرغي جلازييف، الاقتصادي الروسيُ الكبير، ومُستشار الرئيس بوتين، يقول “إذا أردنا تجنُب هيمنة الدّولار فإنّ أوّل ما علينا القِيام به هو تجنّب استخدامه، لأنّ أساس الاقتصاد الأمريكي يعتمد على قوّة الدولار، واحتياطاته المملوكة لدى دول أُخرى، ولهذا أصبح أداة ضغط على الدول الأُخرى”.
تجنّب استخدام الدولار بات استراتيجيّة لكُل من الصين التي تُعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم، روسيا، إلى جانب دول أُخرى مِثل الهند وتركيا، وكِلا البلدين يُعانيان من الضّغوط الأمريكيّة، فالصين تخوض حربًا تجاريّةً مع أمريكا التي تُريد فرض رسوم جمركيّة تصِل إلى 25 بالمِئة على ما قيمته 300 مليار دولار من وارِداتها من الصين، أمّا روسيا فتُواجه عُقوبات اقتصاديّة أمريكيّة جرى فرضها بعد ضم شِبه جزيرة القرم قبل بِضعة سنوات.
العقبة الكبرى التي يُواجهها البَلدان أنّ 70 – 90 بالمئة من التجارة بينهما تتم بالدولار الأمريكي حاليًّا، ولكن من غير المُتوقّع أن يستمر الوضع على حاله في ظِل اتّفاق البلدين على البِدء في خطوات عمليّة جادّة لإنهاء هيمنة الدولار، وأوّلها أنابيب غاز من سيبيريا إلى الصين، وزيادة الواردات النفطيّة الصينيّة من روسيا، واعتماد العُملتين الروسيّة (الروبل)، والصينيّة (اليوان) في مُعظم التّبادلات التجاريّة بين البَلدين، في مجالات الطّاقة والتكنولوجيا خاصّةً.
من المُؤكّد أنّ كيل صبر البلدين قد طفح، خاصّةً عندما وضعت أمريكا مجموعة “هواوي” الصينيّة العملاقة على القوائم السوداء في مُحاولةٍ لخنقها وإخراجها من الأسواق العالميّة، ولا نستبعِد قيادتهما تحرّكًا مُشتركًا لوضع حدٍّ لهذه السيطرة الاقتصاديّة الأمريكيّة الظّالمة في أسرع وقتٍ مُمكن.
الإدارات الأمريكيّة لعبت دائمًا على حبل الخلافات الصينيّة الروسيّة، خاصّةً أثناء الحرب الباردة، ونجحت في استقطاب الصين وتوظيفها ضِد الاتّحاد السوفييتي، ولكن الصّورة تغيّرت الآن رأسًا على عقب، وتوحّد البلدان في مُواجهة الهيمنة الأمريكيّة، وسنرى نتائج هذه الوحدة في المُستقبل القريب.
انتهاء هيمنة الدولار يعني انتهاء اليهمنة الأمريكيّة، الأمر الذي يخدِم جميع الدول المُتضرُرة من العُقوبات وسياسات الابتزاز الأمريكيّة في العالم الثالث، وخاصّةً في مِنطقتنا الشرق أوسطيّة، وما أكثرها، الأمر الذي يدعونا إلى حثّ حُكوماتنا، وكُل الحُكومات الأفريقيّة والآسيويّة على الانضمام إلى الروسيّة الصينيّة في هذا المِضمار، فهل ستستجيب؟ نأمل ذلك.
إرسال تعليق