شبكة المدى/ جنوب اليمن.. مطامع وإرهاب/ عبد الكريم مطهر مفضل:
بين لحظة وأخرى يموت اليأس ويحيا الأمل، إلا في المناطق اليمنية، الواقعة تحت سيطرة قوات التحالف حيث لا تزال القصص الإنسانية المؤلمة على كثرتها تتكشف يوما تلو أخر، لتظهر للعالم بشاعة ما يعانيه الشعب اليمني من ظلم وقهر وإذلال على يد فصائل مسلحة زعمت دول التحالف أن إنشاؤها جاء بهدف حماية أمن السكان.
ميزان إذلال.. “جوع كلبك”
ثمة معركةٌ أخرى تعاني منها المحافظات الخاضعة لسيطرة قوات التحالف، والمتمثلة في سياسة تركيع المواطنين من خلال التجويع والإذلال.
لم يكن “مجاهد محمد الحيقي” يعلم أن مناصرته للاحتجاجات الشعبية المطالبة برفع معاناة المواطنين المعيشية جراء الغلاء والانهيار الاقتصادي ستكون ذات يوم نقمة عليه وعلى عائلته.
الصحفي “مجاهد” وغيره من سكان أحد أفقر الأحياء السكنية في مدينة المكلا ظنوا أن صرخاتهم واحتجاجاتهم السلمية ستجد أذان صاغية وبأن تلك الصرخة ربما ستحسن الوضع وتساعدهم في تأمين الخبز والحليب لأطفالهم، إلا أن ما حدث فاق مخيلة أي شخص.
وبدلاً من أن تقوم السلطات على تلبية جزء من مطالبات المحتجين نفذت حملة أمنية وعسكرية حملت مسمى “ميزان العدل” وفي باطنها كانت عملية عقاب جماعي لم تراعي فيها العرض والحرمات والحقوق ولم تفرق بين طفل وامرأة وشيخ وبين حق وباطل.
في 5 سبتمبر الماضي، الصحفي مجاهد كتب على منصة “إكس” رسالة تهديد للحكومة المشكلة من قبل التحالف والسلطات التابعة لها في حضرموت توعد فيها بكشف المزيد من فسادها بالوثائق، الأمر الذي دفع البعض إلى الاعتقاد أن تلك التغريدة كانت سبباً رئيسياً في اقتحام منزله وترويع زوجته وبناته الثلاث برفع السلاح عليهن.
وبعدها بيوم واحد في 6 سبتمبر الماضي، دعا الصحفي مجاهد على منصة “إكس” رصدتها “وكالة الصحافة اليمنية” الله بأن لا يكسر أي رجل أمام عائلته قائلاً: “يارب لا تكسر رجلاً أمام أولاده في هذا الوضع الصعب، واجعل كل البيوت عامرة بالخير والستر والبركة”.
زوجة مفزوعة تصرخ وتستنجد الجلاد باحترام حرمة البيوت وعرض النساء قائلة: عيب لا تدخل في عرضي، فيقوم المسلح بتوجيه فوهة بندقة نحو صدر الزوجة فيرتفع صراخها وبكائها.
اطفال مرميون على فراش النوم يبكون فزعاً من كابوس رؤية فوهات البنادق الموجهة نحو أجسادهم البريئة بدلاً من رؤية لعبة أو دمية تسعدهم في زمن التعاسة التي تعيشها الأسر اليمنية، وسط غياب الرحمة والنخوة والضمير الغائب لأناس فقدوا ضمائرهم.. هذا ليس فيلم من العراق أيام الاحتلال الأمريكي وليس كذلك من أفلام الاكشن الأمريكية، أنه ببساطة مشهد من المشاهد المزلزلة للجبال قبل قلوب البشر يحكي واحدة من عشرات القصص المأساوية التي يعيشه اليمنيون في مناطق سيطرة قوات التحالف والفصائل المسلحة التابعة لها.
خلافاً لما اعتادت عليه بنات الصحفي “مجاهد محمد الحيقي” الثلاث في منازلهم كان الظلام البهيم حالكاً والبرد على غير العادة في محافظة اشتهرت بحرارتها الشديدة كان الصقيع شديد الذي صاحبه هدوء ما قبل العاصفة، وما أن بدأت الصغيرات الثلاث الإحساس بدفء البطانيات والغوص
كانت الطفلات الثلاث غارقات في أحلامهن الوردية على أمل أن تشرق الشمس ويولد صبحاً جديداً يكون فيه الوضع أفضل من الواقع المرير، يتوفر لهن فيه المأكل والشراب الكافي ، وبدون مقدمات يأتيهم كابوس حقيقي متمثل في صوت أحد المسلحين حاملاً السلاح على رؤوسهن الصغيرة التي لا يمكن أن يستوعب ما يحدث.
على حين غرة، تسللت فصائل الإمارات إلى حي “البدو” في مدينة المكلا وأقتحم المسلحين منزل الحيقي. صراخ وبكاء الزوجة أيقظ الطفلة يمامه وشقيقاتها، نهضت يمامة وأثناء محاولتها الذهاب إلى والدتها المفزعة لتسألها هل ما يحدث في بيتهم المتواضع كابوساً أو حقيقة يوجه أحد المسلحين بندقيته صوب رأس الطفلة يمامة، ثم يتوجه مسلح أخر لنزع البطانية من على شقيقتها الرضيعة وبدلاً من إعطائها رضاعة الحليب يوجه سلاحه بصدر تلك الرضيعة.
وتعد جريمة هتك حرمة منزل “مجاهد” والعديد من سكان حي البدو وترويع زوجته وبناتها، جريمة غريبة على أخلاق وأعراف المجتمع اليمني.
نقلاً بتصرف عن: موقع وكالة الصحافة اليمنية.
إرسال تعليق