شبكة المدى/ المصرفية:
ألغت سلطة عدن ممثلة برئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي قرار البنك المركزي بعدن الذي كاد أن يفجر حرباً مستعرة من جديد وتعزيز الإنقسام الداخلي مع سلطة صنعاء والتي توعدت بالرد القاسي.
وأفادت وكالة سبا، التابعة لسلطة عدن بأن المجلس أقر نقل مركز عمليات البنوك المصرفية بدلاً عن مقراتها التي كان اشترطها البنك المركزي في عدن.
وحاول الرئاسي تبرير الخطوة بأنها لمواجهة ما وصفه بالانتهاكات لقواعد العمل المصرفي وتداعياتها الاقتصادية.
ووصف استبدال نقل المقرات بالعمليات المصرفية بحسب خبراء محاولة لحفظ ماء الوجه في ظل رفض البنوك نقل مقراتها إلى عدن ومحاولة للبحث عن حفظ ماء الوجه لاسيما وانه تزامن مع تصريحات مماثلة لمحافظ مركزي عدن يطمأن فيه البنوك الموقوفة بأنه لن يغلق مقراتها.
وجاء هذا القرار بعد أن رد البنك المركزي بصنعاء التابع لسلطة أنصار الله الحوثيين بمنع التعامل مع 13 بنكاً في عدن، ما دفع سلطة عدن إلى طلب رفع تقرير لخبر مالي واقتصادي، والذي كشف بدوره عن عجز بنكي صنعاء وعدن من تنفيذ قرارتهما.. مؤكداً أن القرارات قد تكون لاستهداف البنوك الكبيرة.
فالميزان التجاري اساساً غير متزن على الاطلاق "وغير متزن" امر لا يعبر فعلياً عن الوضع فالكلمة (بسيطة) ، فعدم قدرة البلد على استقبال موارد مالية خارجية بسبب الحرب، والمانحين انخفضت تمويلاتهم بشكل كبير ربما تجاوز 80% مما كان عليه في 2022، حتى المانح الرئيسي التحالف سحب من منتصف 2023 والى الان بشكل كبير جدا، و المورد الثاني التحويلات من المغتربين التي تمثل المصدر الرئيسي اليوم للعملة الأجنبية ، كما نعلم فالصادرات شيء لا يذكر امامها ماذا تمثل ؟ ، في ذات الوقت الانهيار السعري لعملة الصرف امام العملات الأجنبية قد يصل او يزيد عن المستوى 2000-2500 لكل دولار ، اما سعر الصرف في صنعاء فلا يمكن ان يمثل سعراً عادلاً حيث لا يعادل التضخم الموازي له في السوق السلعي "فالغلاء فاحش"، و الذي قد يمثل ضعف الأسعار في عدن ...
وكما اشرت في المقابل المنظومة النقدية في صنعاء تعاني انخفاضا حادا في السيولة المتاحة للسوق بالعملة الأجنبية او المحلية مما يعني تشكيلة محترمة على ظهر المواطن (التضخم الكسادي) ،
هذا جميعه يجعل الحكومة في مسعي لإيجاد تدفقات نقدية عادلة بين عموم الجمهورية ، لذا فالجبايات لا تتوقف من طرف حكومة صنعاء ... ولن تتوقف فالموارد تضيق...
في المعادلة الأخرى للحكومة " الشرعية" وعبر إدارة البنك المركزي في عدن اطلقت معركتها الجديدة يمكننا تمسيتها (حرب البنوك) يسندها في ذلك اعلان الحكومة في عدن ان جماعة الحوثي "جماعة إرهابية" ، لاجل الضغط على حكومة صنعاء من اجل القبول بالتسوية الاقتصادية المتعلقة بالبنك ، ولأن إدارة المركزي في عدن لا تمتلك أدوات للضغط سوى البنوك الكبيرة والتي تضم اغلب المتعاملين في الجمهورية ، اطلق حربه عليها، ابتداء من ابريل بطلب نقل إدارات البنوك " 6 بنوك تحديداً" الى عدن في غضون 60 يوم وهو على علم بصعوبة ذلك "لماذا؟"
لان المركزي نفسه لم يتمكن من نقل بنيته التحتية والتي ما زل يحتفظ بها البنك في صنعاء بمعنى ان المركزي ادارياً في عدن، فنياً في صنعاء ..
ورغم اني أتوقع ان القرار ليس من صناع القرار داخل ادارة البنك المركزي بل من خارجه ، لكن عموماً تبدوا المعركة منحازة ضد اكبر بنوك في اليمن ولم تقدم أي بديل للمواطن المتعامل مع تلك البنوك ، حيث والاشارة الى "مكافحة غسيل الأموال" القصد منها البيانات والمعلومات التي توردها البنوك للمركزي ، الا انني في العمق سنجد البنوك الجديدة التي تم توليدها خلال الثلاث السنوات الأخيرة ، مازلت هي ذاتها مشكلة في حوكمتها و قدرتها على تقديم خدمات بنكية فاعلة و بديلة و محوكمة، واظن ان مخاطر غسيل الأموال قد تمسها بشكل اكبر في أي لحظة مما يجعل البديل للمواطن مرة أخرى الصراف او الخزينة المنزلية ، بالتالي القرار رغم انه يستند الى الضغط على حكومة صنعاء ، الا ان ضرره الأساسي على المواطن الذي لا يمتلك بديلا سوى العمل خارج النظام البنكي والمصرفي ، واستمرار تصفير قدرة البنوك والبنك المركزي على السيطرة على الموارد النقدية في الأساس،
من بين البنوك المشار اليها بنك الامل، وهي الشركة الوحيدة في اليمن التي يمكن اعتبارها شركة غير ربحية ، تستند الى قانون خاص 23 لسنة 2002 ، قد يكون هذا الجزء لصالحه او ضده ، وهذا قد يخرجها من دائرة البنوك الربحية الأخرى المشار اليها في القرار،
القرار أشار الى:
- فشل البنوك في الالتزام بالقانون! لم يشر القرار لأي قانون ،
- وقرار البنك المركزي الذي يفهم منه نقل ادارتها " وهذا ضرب من التعجيز ، وكان البديل ان تكون لتلك البنوك إدارات إقليمية مستقلة في المناطق المحررة وهذا الممكن" ،
- وعدم الامتثال لمتطلبات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب واستمرارها في التعامل مع جماعة مصنفة إرهابية ، هذه العبارة تجعل اكثر من 20 بنكاً و مئات الصرافين ضمن القائمة التي يمكن ان تصنف بذات التصنيف ، وليس فقط 6 بنوك ، وهذا يعني ان القرار نفسه يمكن إعادة صياغته لعدد آخر من البنوك في أي وقت ، ويعني ايضاً ان القرار متحيز ضد البنوك الستة فقط ، ويقصد اساساً (الحرب على البنوك المشار اليها فقط) او ان هناك أمور نتوقع توضيحها بشكل أساسي من ادارة البنك المركزي في عدن.
- ماذا إن فكرت البنوك وطلبت مجموعة من المختصين القانونيين في دوائر النيابة العامة والمحكمة الإدارية في العاصمة عدن لمراجعة هذه القرارات من اجل الدفع بتقديم شكوى ضد إدارة البنك المركزي في عدن لهذا التحيز الذي قد يكون محل جدل قانوني بين البنوك والمركزي في عدن، بل قد يكون محل جدل مع المعنيين الدوليين في مراقبة البنوك في اليمن كصندوق النقد الدولي.
لا يمكن ان أقول ان التحرك من اجل إيجاد قيادة موحدة للسياسة النقدية والمالية في البلد ليس هماً رئيسياً لدى المركزي من اجل إدارة الموارد التي تعجز الحكومة عن توفيرها ، بالتالي توحيد العمل سيكون متطلباً اساسياً وينبغي ان نفهم ان توحيد العملة لا يعني انها ستنخفض وانما تستقر على رقم متقارب وعادل في سوق الصرف ، الا ان الموارد التي تديرها البنوك في الأساس قد لا تزيد عن 5% من الكتلة النقدية ، والتي تعتمد على الكتلة البشرية المستهلكة للنقد اذا قدرنا ان الكتلة المستهلكة في اليمن من النقد 3 مليار ري يمني يومياً فإن الكتلة الكبرى تدار في اقتصاد غير مسيطر عليه من البنك المركزي ولا البنوك وانما في الأسواق الخفية و الى محافظ شخصية منزلية ، مكتبية ، صرافين ، بما يزيد عن 95% من الكتلة النقدية اليومية ، وان هذه الكتلة 65% تدار في سيطرة مناطق صنعاء تماشياً مع الكتلة البشرية هناك ، يعني اذن في المحافظات المحررة يتم استهلاك 1.2 مليار في اليوم ، ففي نطاق محافظات حكومة صنعاء 1.8 مليار، فسحب البنوك لن يؤثر في زيادة قدرة المركزي في الأساس ولا البنوك في عدن ، لكن هل هذا يؤدي الى توحيد العملة ، لا اظن بدون قرار سياسي ، فالتعميم الصادر في 30/5/2024 بخصوص العملة القديمة قبل 2016 يخص المناطق المحررة ، واساساً توافر كمية العملة القديمة في المناطق المحررة شبه منتهي من 2018 حيث تم إحلال العملة الجديدة في كل ارجائها، وبطريقة ما أسهمت الحكومة " الشرعية" في هذا الامر ، بدلا من السيطرة على العملة القديمة واحتجازها في وقتها ، ولا يفهم من هذا التحرك الان الا الغاء العملة القديمة وارد قريباً ، فإن تم في غضون 60 يوماً ستكون العملة بلا قيمة فعلياً الا انها ستظل متحركة في نطاق حكومة صنعاء وان لم يتم اعتمادها في غيرها ، وهذا الوضع يسهم في مخاوف الناس في عدم الاحتفاظ بالعملة القديمة وفعلياً هي تالفة ولا يمتلك إدارة البنك المركزي في صنعاء طباعة عملة ورقية بديلة ، وان لجأ ستكون العملاء المتاحة للجمهور في نطاق صنعاء (مصكوك معدني) ويتطلب "حمل جوارب نقدية" نحمل فيها العملات المعدنية بفئات مختلفة، و #هبل_تايم آخر ، فالمواطن في نطاق صنعاء أين عليها تقديم تلك العملة والحصول على بديل لها، لا مكان، فما فائدة التعميم ان لم يمتلك البنك المركزي في عدن آلية لتجفيف العملة من نطاق صنعاء وسحبها والغاءها ..... فالقرار بدون ادارته سيمثل صناعة قلق وتوتر من المواطنين تجاه المنظومات البنكية والمصرفية اكثر ، بمعنى المزيد من تجريف البنوك والنظام البنكي بشكل عام وليس خاص ،
جزء آخر من المشكلة لدى السيطرة على النقد في عدن مشكلتها في السيطرة على الصيرفة في المناطق المحررة والتي يمكن القول ان عدد من تلك المصارف قد تكون وحدها بنوكاً مركزية ، وهذا يدعو للخوف ان ينتقل البنك المركزي في عدن للبحث عن بدائل داخلية قد تجعله يصدر قرارات أخرى ضد المصارف والبنوك في المناطق المحررة للسيطرة على النقد لديها ، فكيف يُؤَمن المواطن وضعه في ظل هذا الوضع غير الواضح.
المشكلة الاخرى ان الجهات الدولية والمعنية بالبنوك والمصارف تعترف اعلامياً فقط بالحكومة الشرعية لكن فعلياً لا تعترف لا بعدن ولا بصنعاء وانما بولاية الأمم المتحدة على اليمن كسلطة دولية او ولاية دولية بحكم وضع اليمن الى اليوم تحت البند السابع، بمعنى ان كل القرارات التي تصدر من إدارة البنك المركزي في عدن تؤخذ في الاعتبار " بما يتناسب مع المصالح التي لا تؤثر على تدخلات المنظمات الدولية المانحة وتحت بند حماية المدنيين" ولذا قد يتم تجاوزها متى تطلب الامر ذلك.
بمعنى أوضح: من يمتلك الأدوات لا تعنيه القرارات!
دعوني اختصر هذه المداخلة السريعة:
1. هناك وضع سياسي ( غير صحي) فالبنك المركزي في اليمن مقسم بين إدارتين، إحداهما في صنعاء والأخرى في عدن، وهذا يعكس الوضع السياسي المتأزم في البلاد ، ومن ضمن الفشل الرئيسي الذي حدث ان إدارة عدن في ذروة النقل قدمت وعوداً أساسية للأطراف المعنية الدولية مقابل الموافقة على النقل واخلت بها للأسف، ولو بدأت بها او في وقتها لكان الوضع مختلفاً تماماً ، والحل الفعلي اليوم هي دراسة النموذج الليبي الذي تكررت فيه القصة اليمنية ، بانقسام إدارة البنك شرقاً وغرباً مع فارق القوة الاقتصادية لليبيا ، وصدر قانون هي النسخة الأساسية لقانون منع التعاملات الربوية والتي (اقتبسها) القانون في صنعاء ،وعملتين شرق ، وغرب ، والغي القانون مع بداية توحيد السياسات المالية والنقدية وتوحدت العملتين ، والتي بدأت من خلال لجنة تنسيق منتهية بإدارة موحدة.
2. فتح حوار فاعل وكفؤ مع إدارة البنك المركزي في عدن وصنعاء. فهناك دائماً فرصة للتفاوض المنطقي للوصول إلى حلول وسط ترضي جميع الأطراف وتحمي مصالح المواطنين.
3. القرارات تستند إلى القوانين النافذة في اليمن وتمنح البنك المركزي صلاحيات واسعة لتنظيم عمل البنوك والإشراف عليها، الا ان هناك احتمالية وجود ثغرات قانونية وارد جداً يمكن للبنوك المتضررة استغلالها للطعن في هذه القرارات أمام المحاكم والنيابة العامة في اليمن عبر تشكيل تحالف بينها ضد إدارة البنك المركزي، مثلاً هذه القرارات تمس حقوق المواطنين المتعاملين وتعرض مصالحهم للخطر، وقد لا تكون صادرة وفقاً للإجراءات القانونية الصحيحة وهناك تحيز واضح ضد البنوك الستة في ظل وجود بنوك إذا تم تفعيل الجهات الرقابية المعنية بشكل محايد من قبل الحكومة لظهرت "البنوك والمصارف والصيرفة" التي تخالف القوانين المشار اليها. لذا قد يتطلب تشكيل فريقين قانونيين متخصصين لدراسة الوضع في صنعاء و في عدن ، ويمكنها التعامل مع ما تفرضه إدارة المركزي في صنعاء وإدارة المركزي في عدن والتي يبدو هدفها تدمير تلك البنوك او إخراجها من المنافسة.
4. القرارات تؤثر على العلاقات مع البنوك والمؤسسات المالية الدولية، لذا لابد من ان يتم تشكيل آلية مشتركة للتواصل بين تلك البنوك و الجهات الدولية المعنية للحصول على دعمها و نصائح حول كيفية التعامل مع الوضع.
لست هنا مع او ضد إدارة البنك المركزي، انا هنا اسعى فقط للفهم وانظر للمصلحة الأساسية وهي مصلحة المواطن اولاً ولا يعنينا بذا (الهبل) السياسي الذي يدمر الحياة المتبقية للنبض المعيشي لليمنيين ، من اجل خلافات يمكن ان تحلها حيادية القطاع البنكي في الصراع من اجل المصلحة العليا للوطن قبل الدولة ، الوطن بمواطنيه وليس بمكوناته السياسية ولا القوى المتصارعة على الحكم والتي اكرر لا احد ينظر اليها بشكل إيجابي وليست اليمن ضمن قوائم الاهتمامات الدولية ولكنها ضمن قوائم الاهتمام الإقليمي.
إرسال تعليق